تعد الهيئة العامة احدى هيئات محكمة التمييز الاتحادية المنصوص عليها في المادة 13 من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل .. ومن جملة اختصاصاتها ما يحال عليها من احدى الهيئات اذا رأت العدول عن مبدأ قررته احكام سابقة وهي هيئة مهمتها الاساس وضع مبادئ تسير عليها المحاكم في القضايا المماثلة تكريسا لمبدأ الاستقرار القضائي والامن القانوني .
ولدى الاطلاع على حيثيات القرار اعلاه الذي تصدت له هذه الهيئة وملخصه تفحص قرار المـحكمة الاتحادية العليا بالعدد 102/اتحادية/2024 في 15/4/2024 والقاضي بعدم دستورية العبارة في المادة 35/رابعاً/أ-4 في قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 المعدل بمناسبة طلب احد القضاة الاحالة على التقاعد والخلاف الذي حصل حول القضية هو (تعديل احكام المادة اعلاه من قبل المحمكة الاتحادية العليا…).
نجد ان الاسانيد والحجج التي اعتمدت عليها الهيئة العامة في التصدي القرار اعلاه ومدى صلاحية المـحكمة الاتحادية العليا في ان تتصدى لنص قانوني وتعيد صياغته ليتضمن حكماً جديداً خلاف ما تضمنه النص الاصلي…قد جاء قرارها التاريخي المثير للجدل متفقاً وحكم الدستور والقانون ولم يكن ترفاً او إظهار مركز قوى سلطة على اخرى بل قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية قد جاء مسؤولاً وارجع الأمور إلى نصابها الدستوري والقانوني بمهنية قل نظيرها
لا خلاف على ان المحكمة الاتحادية العليا هي جزء من السلطة القضائية الاتحادية بموجب المادة 89 من دستور العراق النافذ ومن جملة اختصاصاتها حسب نص المادة 93 من الدستور الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة ومفهوم الرقابة على الدستورية والقوانين الاتحادية هو ان تتفحص المحكمة النصوص محل النزاع وتبت بدستورية تلك النصوص من عدمها اما ذهابها والوصول الى صياغة نصوص قانونية بالتعديل او الاضافة فذلك من مهمة السلطة التشريعية او التنفيذية المخولة بذلك بموجب الدستور .
ان ما ورد في قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية هو تكريس لهذا المبدأ بحسب وجهة نظر الهيئة وهو ايضا لا يعني مطلقاً المساس بما ورد بالمادة 94 من الدستور من ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا باته وملزمة للسلطات كافة ، لكن النقطة الاساس والمهمة في قرار الهيئة العامة (المبدأ) هو الحفاظ على (مبدأ الفصل بين السلطات )، وان تصدي الهيئة العامة لمحكمة التمييز انما بني على (عدم الاختصاص) و (انتفاء الولاية) المتعلق بتعديل نص قانوني نافذ فان مثل هكذا حكم ولصدوره خلافاً لقواعد الاختصاص يعتبر معدوماً والحكم المعدوم كأن لم يكن ولا يرتب اي اثر والقول لمحكمة التمييز ولا يحوز حجية الامر المقضى به.
والحكم القضائي المنعدم …. هو الحكم الذي اعتراه عيب ذاتي اصاب انعقاده او كيانه وافقده احد اركانه او مقوماته كحكم قضائي وجعله مجردا من جميع الاثار القانونية والذي يكفي التمسك بانكاره او الحكم بانعدامه في كل الاحوال.
ان قرار الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية على قدرً عال ٍ من المسؤولية اذ يكرس مبدأ الفصل بين السلطات والتصدي بحكم الولاية العامة للقضاء وبمناسبة نزاع معروض امامها للبت في الاحكام التي تراها انها معدومة وهذا ما ثبتته تلك الهيئة في تصديها لقرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 102 / اتحادية لسنة 2024 الذي يعد معدوما متى ما كان ماسا بالشأن القضائي ان قرار الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية محل التعليق جاء متوافقا مع تطبيق نصوص الدستور والقوانين النافذة ولا يقدح بسلطة المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على دستورية القوانين و الانظمة النافذة .
الاستاذ الدكتور
ميري كاظم عبيد الخيكاني
عميد كلية القانون / جامعة بابل
رئيس لجنة عمداء كليات القانون في الجامعات